رواية جديدة بقلم فاطيما يوسف
المحتويات
تاجي تعيش ويانا ولا تهمل بيتها سكون متعرفش حاجة والبت داي مهخليهاش تقرب منيها .
رأف بحاله الذي يصعب على الكافر من معضلته وأردف داعيا له
_ ربنا معاك ياعمران ربنا يبعد عنيك الأڈى ياصاحبي اني هقفل دلوك عندي شغل وابقي عدي على في المستشفى نقعد ويا بعض شوي .
أمن على دعاؤه ووعده بزيارته وأغلق الهاتف معه وجلس ينظر للبحر بشرود وهو يفكر كيف تحل مشكلته وقلبه حزين لما يشعر به من حرمان من سعادته .
في مكتب ماهر البنان يدلف جاسر إلى مكتبه وينظر إلى رحمة مرددا بعملية
_ لو سمحتى ياآنسة ممكن تبلغي المتر إني عايزه
_ جاسر ! إيه الطريقة الغريبة دي يابن عمي !
بنفس طريقته أردف
_ إحنا هنا شغالين في مكتب الأستاذ ومفيش حاجة اسمها بن عمي وابن خالي وأظن المتر معرفك قوانينه
ثم نظر في ساعته وهتف متعجلا
_ معلش بلغي المتر علشان مفاضيش ومعنديش وقت .
كان ماهر يشاهد الكاميرات ويتابع حديثهم وعيناه تود أن تأكل الكاميرا من شدة تركيزه مع تعابير وجههم
لاحظ تهجم ملامحها وجدية ملامحه ثم انتبه على رنات الهاتف تبلغه بأن جاسر يريد مقابلته فأبلغها ان تجعله يدلف
_ احم .. انى حابب أبلغ حضرتك بحاجة بس محرج شوي .
بنظرات مندهشة سأله
_ حاجة ايه داي اتكلم علطول اني سامعك.
استدعى الهدوء ثم بدأ طلبه
_ انى حابب افتح مكتب محاماة خاص بيا وكنت محتاج مساعدة حضرتك .
سهم ماهر قليلا مما جعل القلق يدب صدر جاسر من صمته ثم حرك يداه باستحسان
_ وماله يامتر كلنا كنا زيك في يوم من الايام واتمنى تبقي ناجح وليك مكانتك
ها قول لي خطتك ايه
ابتسم جاسر لتشجيعه ثم أجابه
_ اني لقيت مكان كويس في عمارة فيها دكاترة كتيير مأجرين فيها فلقيت شقة فاضية وكويسة فأجرتها ودفعت تأمينها ووضبتها
سأله ماهر
_ طيب هتعمل ايه في ورق وكيل النيابة اللي إنت مقدمه لو جالك في اي وقت
أجابه بإيضاح
_ لاا اني فكرت في الموضوع ده وحسمت امري وهسحب الورق بتاعي وهخليني في المكتب والله المستعان وعليه التوفيق.
حرك رأسه للأمام باقتناع واستحسان لرأيه وأردف
_ تمام توكل على الله وليك مني ملف العمال كادو وملف قضية الوزان كمان وشد حيلك بقي ومتوطيش راسنا .
ضحك جاسر من دعابته ثم تحدث بثقة اكتسبها منه
_ لاا في داي متشيلش هم واصل ده أني تربيتك يامتر يعني نفس المنهج ونفس شرف المهنة وكل حاجة علمتها لي همشي عليها زي ما قال الكتاب .
بعد ثواني أتت إليهم رحمة أشار إليها ماهر أن تجلس ثم طلب منها
_ شوفي يا أستاذة المتر الصغير خلاص فتح مكتب وهيسيب مكانه معانا كلمي الشؤون المالية تصرف له مكافئة عشرين ألف جنيه
وتابع كلماته وهو ينظر إلى كلتاهما نظرة ثاقبة استشف منها ذهولها ونظرته لها بكبرياء تلك النظرة جعلت داخله يتسائل ماذا عنهم ذاك الثنائي
ثم هتفت رحمة باندهاش
_ هو انت فتحت مكتب ياجاسر من غير ما اعرف
بنفس نظرة الكبرياء أجابها
_ أه عنديكي مانع ولا حاجة
ثم قام من مكانه مستئذنا الخروج
_ بعد اذنك يامتر مش محتاج مني حاجة قبل ما امشي
هز رأسه برفض واجابه
_ له ربنا يوفقك بس اعمل حسابك لما اطلبك لأي شئ تاجي لي فورا واوعاك تتعالى علي لما تبقى حاجة .
اتسعت عيناه من كلامه وردد بنفي
_ لااا يستحيل يا أستاذنا ده رنة تليفون منيك بس هتلاقيني قدامك هوا العين متعلاش على الحاجب بردك .
ابتسم ماهر بإعجاب لرده ثم غادر جاسر المكتب وتبعته رحمة بنفس الخطوات ونادت عليه وهي تغلق الباب خلفها
_ جاسر استني من فضلك .
أدار جسده إليها مرددا وهو يتصنع الاستعجال
_ في حاجة عايزاها علشان وراي حاجات كتيره مش فاضي
اعتدلت بوقفتها وانتصبت وهو تنظر داخل عيناه وأردفت بعدم تصديق لتغيره الكلي معها
_ هو انت بقيت اكده من مېته ومالك بتتعامل وياي بالطريقة داي
ابتسم بسماجة وتحدث موضحا لها
_ من ساعة ماغدرتي بيا يابت عمي.
فتحت فاهها بدهشة وسألته
_ هو أني عميلت ايه يخليك تقول اكده ياجاسر هو أني وعدتك بحاجة ولا اتمسكنت عليك في حاجة لاسمح الله لحد ما اتمكنت
إنت ليه مصر تعاقبني على حاجة مليش يد فيها ومخاصمني ومبتردش على تليفوناتي اني رحمة بت عمك تربية يدك ياجاسر .
بدا شبح ابتسامة خفيفة على ثغره ولكنها سرعان ماختفت في بحر لهفته لها ولكن عاد لرشده قائلا
_ معلش لازم ابعد وتنسي وجودي في حياتك وانك ليك بن عم أصلا علشان محط مكيش واح طم نفسي .
اهتز فكها باستنكار ورددت
_ انت ازاي تقول اكده وتحكم على علاقة الإخوة اللي بينا بالشكل ده ! إنت ظ الم ياجاسر وبجد انت غ دار .
رفع جفونه ببطء ثم قال بنبرة هادئة
_ اعتبريني اكده يابت عمي عن اذنك .
على صدرها بأنفاس متلاحقة من شدة صډمتها ورددت قبل أن يغادر
_ ومش بس غ دار ده انت خاېن للعهد علشان كنت مديني وعد انك عمرك ماهتفتح مكتب لوحدك واني هكون شريكتك ونبنيه سوا مع بعض خڼتني وعملته لوحدك ياجاسر ومن غير ماعرف .
كان ماهر في الداخل يراهم ويرى تعابير وجهها وحركات فمها وعند كلمة خائڼ التى قالتها بح رقة اڼصدم وبات داخله يسأل
_ ما هذا العرض الدرامي الذي أشاهده الآن لمن طلبت منها أن تكون امرأتي !
انها تردد لرجل غيري خيانته لها فماذا عني أنا !
ومن هذا الرجل إنه صنع يداي !
أيعقل ان تخدعني بكلامها وبرقتها ودوما تحملني هم إهمال مشاعرها
كنت أظن أنها ستجمع أجزائي المبعثرة كشظايا البلور المكسور وتداويها وتعيد لها رونقها ولكنني أخطأت أم ماذا !
أما في الخارج لمعت عيناي جاسر بالن ار الح ارقة التي تخرج منها
وهتف بفم مملوء بالۏجع
_ كنت وكنا .. كنت باني لك بيت في قلبي محدش يسكنه غيرك وقلبك سكن بيت غيري
كنت مخصص لك عمري كله اللي فات ليكي لوحدك مشفتش فيهم نفسي وسعادتي وأني عارف انك هتعوضيني عنيه عمري اللي جاي كله وفي الاخر هتروحي تعوضي غيري عن عمره اللي راح واني مليش وجود في أيامك غير حلم هتحققيه من ورايا
كنا بنحلم بالمستقبل والنجاح على اساس انك مني ومن د مي وهتفضلي مني ومن د مي وكلك كلي لكن كلك هيبقي لغيري
ابتلعت أنفاسها بصعوبة وهتفت بعيناي تلتمع دمعا
_ بس اني مظلومة وانت بنيت اتهامك وحكيت مرافعتك ومفيش دليل واحد يديني خليك منصف واديني حق الدفاع عن نفسي ملكش حق في كل اللي قلته وبنيته مع نفسك من غير ما تقول لي ولا تشركني معاك من غير ماتحكي لي احساسك بيا ولا تديني علامات ولا إشارات من أي نوع مشفتكش غير أخ ياجاسر مشفتكش غير زي عمران .
زاده من الۏجع أوجاعا وعلم أنه لن ينال من قلبها ولو سهما بسيطا من العشق الذي زرعه لها في قلبه أفدنة ثم هدأ من ثورته المش تعلة داخليا وأردف
_ وعلشان اكده أني هبعد عنيكي علشان اداوي چرح قلبي علشان مشفش نظرة
شفقة منك ليا علشان اقدر اتخطاكي يارحمة .
أنهى كلماته الموجعة لروحه وغادر المكان الذي يشعر فيه بالاخت ناق منذ أن علم أن حبيبته تعشق من له الفضل عليه وجعله بذاك النجاح بعد فضل الله
أما هي ارتمت على الكرسي الموضوع تشعر بالخزي من حالها انها جرحت اعز الناس على قلبها وعيناها تلتمع دمعا على حالها فالذي أحبته لم يحبها والذي عشقها لم تراه وتألم قلبها ونبضه من الۏجع يضرب في قلبها مرارا كالعلقم .
في ليلة من ليالي الشتاء الباردة والرياح هائجة تقف مها خلف نافذتها تتأمل هطول المطر ترى الكل يجرى ويحتمى من المطر
ولا يتبقي احد فقط السكون التام وصوت قطرات المطر تطرق النافذة لتذكرها بليلة ما في ذات الأيام تقف صامتة و ما اقسي هذا الصمت التام وما أجمله
صمت مخيف وضجيج كبير داخل قلبها المحمل بذكريات يوقظها المطر مع كل قطرة تتساقط علي يدها الممدودة
صمت موجع ومبهج وكأنها اصبحت مدينة خالية لا تسكنها الا الأرواح
أرواح من يراقبونا بصمت ولهفة من يستجدى الذكرى
الشارع خال الكل نيام وهي وحدها مستيقظة تراقب المطر وتسمع صوت طرقاته علي النافذة وكأنه يرسل اليها رسالة مشفرة تخترق قلبها ليذكرها بحلم تلاشي وحب ضائع وحزن يهاجمها عندما تتذكر كم من شتاء مضى على تلك الليلة التي أثرت في عمرها كله وجعلتها تحتقر حالها بشدة
وفي نفس تلك الليلة ببردها الصقيع عاد مجدي من عمله للتو وهو يرجف من شدة البرد وأعضاء جسده متشنجة فقد مشي أكثر من نصف ساعة كي يصل إلى المنزل فسيارته متعطلة ولم يجد أي وسيلة مواصلة
صعد إلى المنزل وفتح باب شقته بأصابع ترجف ۏجعا وهو لم يشعر بأطرافه من شدة البرودة نظر الى أرجاء منزله الذي اصبح متسخا من كل مكان ورائحته النتنة قد عبئت المكان بعيناي يكسوها الاشمئزاز
الآن شعر بارتخاء جسده وأنه متعب بشدة وفجأة زاره السعال المتتالي وبدأ يرتعش جسده خطى إلى الغرفة بأقدام واهنة وعندما رأى التخت المبعثر وفراشه ملقى على الأرض انزعجت ملامحه فقد كانت زوجته تهتم بذاك التخت وكأنه لوحة فنية حمل الغطاء الثقيل ثم ارتمى على التخت ولف جسده بكامل الغطاء ولكن لم يسعفه فجسده مازال يرتعش بشراهة
مرت عليه ساعة وهو على نفس حالته شعر بأن حلقه مر كمر العلقم ولم يستطيع القيام من على التخت كي يناول نفسه كوبا من الماء وتذكر تلك الليلة في السنة الماضية حيث كان عائدا بنفس الحالة واستقبلته مها على أعتاب الشقة وأسندته وقامت بدوائه والجلوس تحت قدميه تراعيه وتصنع له حساءا ساخنا كل مدة
لم يجد مأوى ولا ونيسا ينجده من حالته تلك غير النوم فقد سحبت عيناه التي لم يستطيع فتحها من شدة السخونية التي اجتاحت جسده بأكمله
مرت تلك الليلة عليهم هي بذكراها الأليمة التي لن تنساها طيلة حياتها وهو بمرضه الأليم الذي لم يجد من يسعفه فيه
وأتى الصباح بشمس أضائت الكون وأنارته وبدأت في إزالة آثار المطر التي لطخت الشوارع وعلمت فيها
فتح مجدي عيناه بثقل وجسده متسمر في التخت ولم يقوى على الحراك مد يداه والتقط هاتفه وقام بمهاتفة أخيه الذي اجابه
_ كيفك يامجدي وكيف احوالك
خرج الكلام من
متابعة القراءة