انا لهاشمس
إلى العمل
فاقت من نومها في حدود الساعة العاشرة تناولت إفطارها وصعدت من جديد لترتدي ثيابها كي تستعد للذهاب إلى شقتها الخاصة لجلب بعض الثياب التي تحتاج إليهاولجت عزة لتسألها باستفسار
استأذنتي من سيادة المستشار
أجابتها بلامبالاة ترجع لعدم اعتمادها على أحد منذ البعيد
هستأذن منه في إيه يا عزةهو أنا مسافرة أنا رايحة بيتي اجيب شوية حاجات ناقصاني وراجعة على طول
يا بنتي ليزعل قالتها بارتياب لتجيبها الاخرى وهي تتحرك للأمام
متقلقيش فؤاد عقله كبير
ذهبت إلى شقتها جلبت بعض حاجتها الخاصة بها وبيوسف وايضا عزة وعادت سريعالم يعد فؤاد ظهر هذا اليوم لانشغاله بقضية غاية في الأهمية عاد ليلا ليوقفه رجل الحراسة ليقول له
فؤاد باشامدام إيثار خرجت النهاردة وأنا حاولت أخلى حد من الحراسة يروح معاها بس هي رفضت
تحولت عينيه لحادة ليسأله بنبرة هلعة
يعني إيه خرجت لوحدها!
أومأ له بإيجاب ليقول بنبرة غاضبة
وإنت لزمتك إيه قدام البوابة يا بيهأنا مش قايل لك لو حصل أي حاجة تتصل بيا فورا وتبلغني!
يا سعادة الباشا أنا اتصلت بيك كتير جدا وجنابك كنت بتكنسل عليا قالها الرجل بجسد مرتعش ليدخل سريعا بعدما وبخ الرجل وتوعد له بالعقاپ صعد السلالم بطريقة اظهرت كم غضبه ليقطع طريقه هبوط إحدى العاملات وحظها السئ الذي واجهها بذاك الثائراستشاط ڠضبا ليقول بملامح وجه لا تبشر بخيرا
بلغي إيثار هانم إني مستنيها في اوضتي عشر دقايق وتبقى قدامي مفهوم
اړتعب جسدها لتهز رأسها ببلاهة وتسرع خلفه ولج هو لغرفته لتدخل هي بسرعة وهي تقول لتلك الجالسة فوق فراشها تتطلع على جهاز الحاسوب بتعمق
فؤاد باشا مستني جنابك في جناحه وبيستعجلك يا هانم
قطبت جبينها متعجبة طلبهارتدت معطفا فوق المنامة البيتية وتحركت إليه دقت الباب بهدوء لتستمع لصوته الحاد من الداخل فتحت الباب لتجده مواليها ظهره المتصلب من شدة غضبه وخوفه عليهاتحمحمت لتنطق بصوت هادئ
مساء الخير يا فؤاد
باغتها بإلتفافه السريع ليرمقها بنظرات حادة كالصقر وهو يسألها متجنبا تحيتها
إنت خرجتي من البيت النهاردة
تحمحمت لتجيبه بتلقائية
أهروحت شقتي علشا
قاطع حديثها بقوة لينطق متجاهلا أسبابها بطريقة فظة أشعرتها بالإهانة
ميهمنيش رايحة فين وليه أنا اللي يهمني هو إزاي تخرجي من البيت من غير إذني لا وبتعاندي مع الحرس اللي حب يعرفك إني منبه محدش يخرج من غير ما أكون عارف وأنا بنفسي اللي مدي أوامر للحرس بخروجه
واستطرد پجنون عندما جال بخاطره فكرة أن نصر أو عمر كان يراقب تحركاتها وأصابها بمكروه
ده أنت من جبروتك رفضتي إن الحرس يرافقك
هتفت تسأله بحدة بعدما أثارت طريقته المقللة لشأنها لحنقها
هو أنا تحت الإقامة الجبرية ولا إيه سيادة المستشارولا اكونش محپوسة وأنا مش واخدة بالي
هتف بنبرة مشټعلة من طريقتها الحادة
الغلطان بيعتذر يا مداممش بيرد على مواجهته بأخطائه ببجاحة
صاحت بنبرة غاضبة ترجع لعدم تقبلها لطريقته المهينة لشخصها
أنا ما أسمحلكش تكلمني بالطريقة دي
اتسعت عينيه ليرمقها باشتعال وهو يقول پغضب متعجب
إنت إزاي بجحة كده لا بجد إزاي يعني غلطانة وخرجتي بدون إذني وعرضتي نفسك للخطړده غير إنك خليتي شكلي زي الزفت قدام الحرس وكمان مش عاجبك!
صاحت بحنق رافضة لفرض قيوده عليها
أنا حرة وإنت والحرس بتوعك تروحوا تفرضوا أوامركم على أي حد غيري
هتف مزمجرا بعدما اتسعت عينيه بحدة من شراستها
إنت مش حرة يا هانمالبيت ده ليه قوانين وقواعدوطالما قعدتي فيه يبقى سيادتك مجبرة تلتزمي بقوانينهمش سويقة هي علشان تتصرفي من مزاجك
تراجعت للخلف وهي تبتلع ريقها بتوتر وقد کسى
الخجل والإحراج وجهها ليسترسل الأخر بطريقة أكثر عڼفا متغاضيا عن صډمتها من حديثه
ليك حدود في البيت دهوياريت تلتزمي بيها علشان متشوفيش الوش التاني لفؤاد علام واللي أكيد مش هيعجبك
كانت تستمع إليه ومقلتيها متسعتين للغاية تهز رأسها لاإراديا بعدم استيعاب لتلك الحالة التي ولأول مرة تراه عليها
أولته ظهرها لتسرع إلى الباب وتهرول للخارج بعدما اغلقته بقوة هزت أركان الحجرة بخطوات سريعة وصل إلي الباب وكاد أن يخرج خلفها ليلحق بها ويعتذر عما بدر منه بلحظة ڠضب ترجع لخوفه الشديد عليهالكنه تراجع باللحظة الأخيرة بعدما أمسك بمقبض الباب استعدادا لفتحه عاد خطوتين للخلف لتكفهر ملامحه وهو يهز رأسه باستسلام مطلقا زفرة حادة تنم عن مدى غضبه واشتعال روحه وضع كفه فوق شعر رأسه ليجذب خصلاته للخلف بطريقة عڼيفة اظهرت كم الڠضب الذي اعتراه
عودة لتلك التي ولجت لغرفتها المخصصة لها لتغلقها خلفها وترتمي على ذاك المقعد المجاور للتخت شرعت پبكاء مرير يقطع نياط القلب شهقت بقوة ولعنت حالها وغباءها الذي صور لها أنه بالفعل أصبح قريبا منها للحد الذي يسمح لها بالتحرك بحرية في المنزل خرجت منها شهقة قوية عبرت عن مدى القهر الساكن بداخلها لأول مرة بكامل حياتها توضع بمثل هكذا موقف شعرت بالمرارة على ما وصلت إليهلما فعلت هذاهي التي وضعت قوانينها بعدم السماح للاخرين بالقرب منها بعدما رسمت حدودها الخاصة بعدم الإقترابلما كسرت حاجزها التي شيدته طيلة تلك السنوات لتقترب منه لهذا الحد بل وتسمح له بالغوص بداخل أعماقها واستكشاف ما بهاباتت تسب وټلعن حالها على موافقته لعقد القران الذي من الواضح بأنه سيتخذه سلاحا للتحكم بها وفرض قيوده عليها ضلت على هذا الحال لفترة طويلة حتى شعرت بتملل صغيرها بنومه فتحركت سريعا إليه بعدما وجدته يرفع رأسه لاعلى باحثا عن مصدر أمانه الوحيد بتلك الغابة الموحشة وما أن اسرعت نحوه وسحبته لداخل أحضانها حتى استكانت روحه وعلى الفور عاد إلى غفوته من جديد تنهدت بضيق ثم أغمضت عينيها لتطبق جفنيها بقوة وتسمح لدموعها الحارة أن تنهمر من جديد ازدردت لعابها ثم تنهدت بهدوء بعدما اهتدت لخطوتها التالية والتي لابد أن تقوم بها منذ الصباح لحفظ ما تبقى من كرامتهاأمسكت هاتفها الجوال وضغطت على رقم عزة وانتظرت حتى جاءها الرد من تلك التي كانت تنعم بغفوتها وانتفضت على أثر ذاك الإتصال لتجيب بصوت متحشرج من أثر النعاس
خير يا بنتيإيه اللي مصحيك لحد الوقت دي الساعة عدت من اتنين!
تحمحمت لتجلى صوتها ثم تحدثت بصوت باكي لم تستطع السيطرة عليه
جهزي شنطة هدومك علشان هنرجع لشقتنا أول ما النهار يطلع
ضيقت عينيها لتسألها مستفهمة
إيه اللي حصل يا إيثار هو أنت إتخانقتي إنت وفؤاد!
إسمعي الكلام يا عزة وبلاش أسئلة كتير الله يخليك أنا مش ناقصة نطقت كلماتها بنبرة بائسة فاستشفت الاخرى أنها قد وصلت لذروتها من الڠضب فقررت الاستجابة لحديثها كي لا تزيدها على إبنتها التي لم تحظى بإنجابها لتجيبها بطاعة
حاضر يا حبيبتي أول ما النهار يشق هطلع أساعدك في توضيب شنطك إنت ويوسف
أغلقت معها بدون إضافة كلمة أخرى لتتنهد وتندثر بجسدها للاسفل واضعة رأسها فوق الوسادة لتقع صريعة للنوم بعد عدة ساعات بعدما أنهكها البكاء
إنتهى الفصل
أنا لها شمس
بقلمي روز أمين
الفصل السادس والعشرون
متمردةعنيدة شرسة ومستفزة أنانية ولا تهتم سوى بحاله اشعارها المرفوع دائما فليذهب الجميع إلى الچحيم ما دمت أنا بخيرألقاب حصلت عليها ويعلم الله أني بريئة من جميعهاولو أنهم تأنوا وغاصوا بأعماقي لوجدوا فتاة صغيرة تحتضن حالها وتحتويها بساعديها الضعيفيننظراتها المړتعبة تجول هنا وهناك بهلع مترقبة للأخطار المحيطة بها دومابجوارها سيفا حادا صنعته من صبرها وسنته بسعيها لحماية قلبها الموضوع بين الضلوعمن تسول له نفسه بمجرد الإقتراب منه تبادر بهجومها الضاري بمنتهى الشراسة لتظهر روح المحاربة الكامنة بداخلهاهي لا تحمي حالها ولا تهتم من الأساسجل ما يعنيها هو قلبها البرئ وفقطذاك المتمثل بصغيرهايوسف هذا هو قلبها الساكن بالضلوع والمحاط بسياج حديدي صنعته بكامل قوتها لحمايته.
إيثار غانم الجوهري
بقلميروز أمين
أتى الصباح واشرقت الشمس لتعلن عن ميلاد يوما جديدا بأمل جديد للجميع إلا من تلك الحزينة ذات الحظ السئ حيث فاقت باكرا بعينين ذابلة وجفون منتفخة بفضل بكائها الحاد ليلة أمس فهي من الأساس لم تغفو سوى ساعتين فقطأمسكت هاتفها وتحدثت إلى عزة وطلبت منها الصعود وبغضون دقائق معدودة كانت تقف أمامها لتسألها بفضول وإصرار بعدما رأت ملامح وجهها المنطفأةزمجرت الاخرى وأبت لكنها أضطرت لإخبارها تحت إصرار الأخرى القويلتهتف عاتبة بحدة بعدما استمعت لكامل ما حدث
غلطانة يا إيثاروأنا قولت لك قبل ما تتحركي إنك لازم تستأذنيه قبل ما رجلك تخطي برة القصرده جوزك يا بنتي وده حقه عليك وإنت بنت أصول
رمقتها بنظرات شديدة اللوم قبل أن تسترسل بكلمات لازعة لكنها الحقيقة المؤلمة
ومتزعليش مني اللي عملتيه معاه مفهوش ريحة الأصول
تنهيدة حارة خرجت من صدرها لتنطق بنبرة بائسة
عدى وقت الكلام ده يا عزة وأنا حقيقي تعبانة ومش هقدر أتحمل أي كلمة فيها لوم أو عتاب من أي حد
واسترسلت بنبرة خاڤتة وجسد هزيل وهي تتجه صوب الخزانة لتشير لها نحو الحقيبة
طلعي الشنطة يلا ولمي معايا الهدوم بسرعة خلينا نمشيوأنا هقوم يوسف وألبسه علشان نوصله للمدرسة في طريقنا
مش هتقولي له!...نطقتها عزة باستفهام لتنطق الأخرى نافية بحدة وشراسة ترجع لشعورها المرير بالإهانة الملازم لها منذ الأمس
طبعا لا
ابتلعت غصة مريرة لتسترسل وهي ټدفن نظراتها بطيات الثياب التي تجمعها كي لا تلمح الأخرى عينيها التي اغرورقت بدموع الألم والشعور بالتدني
استعجلي خلينا نخرج من هناوكفاية إهانة لكرامتنا لحد كده
كان يقف أمام مرآة الزينة يعقد ربطة عنقه بملامح وجه مكفهرة نتيجة ما حدث بينه وبين تلك الجميلة انتهى من الربطة ليمسك بقنينة عطره ويقوم بنثر بعضا من الرذاذ فوق عنقه وذقنه وبعد أن انتهى أعاد القنينة لمكانها برتابة ليلقي بنظرة أخيرة على هيئته المنمقة واضعا أصابع يده تتخلل شعره الأسود الفحميتنهد بضيق وهو ينظر لملامحه العابسة ووجهه الذابل جراء ما حدث بينه وبين مالكة الفؤاد بالأمسبرغم غليان جسده مما فعلته تلك العنيدة من حماقة كبيرة إلا أنه تألم لأجلها ولام حاله كثيرا على غضبه المبالغ به وحديثه الحاد المهين لهاحجته الشرعية هي هلعه الذي أصابه عندما قص عليه الحارس ما حدث والذي لولا ستر الله عليهما لتعرضت لما لا يعلمه سوى الله وحدهزفر بعمق ليخرج من صدره ناره المشټعلة منذ الأمس ثم تحرك صوب الباب بعدما التقط حقيبة عمله توقف أمام باب غرفتها بعدما عقد النية على ألا يذهب إلى عمله قبل أن يقوم بتقديم الاعتذار لها كي لا يدعها للحزن يسيطر عليها ويدمي قلبها دق بابها فأتاه صوت عزة الاذن بالدخول فتح الباب لتجحظ عينيه وهو يراها تقف أمام صغيرها الواقف فوق الفراش تساعده بإلباسه كامل ثيابهليحول بصره سريعا نحو عزةحيث كانت تفرغ ما بداخل خزانة الثياب وتضعها بتلك الحقيبة الكبيرة الموضوعة فوق الفراش إبتلع لعابه وارتجف جسده حين استشف ما يحدث ليتساءل بصوت خرج حادا رغما عنه
إنت بتعملي إيه يا إيثار!
زي ما أنت شايفبنلم هدومنا وماشيين...نطقت كلماتها باقتضاب وهي تتابع