ضروب العشق بقلم ندى محمود
بعيناه وبتلقائية قام بفتح الخزانة كنوع من الفضول أيضا ولسوء الحظ أنه فتح الباب الخطأ حيث رفع حاجبه مبتسما بشيء من السخرية ومد يده يقلب بين ملابس العرائس النسائية التي لا تخلو خزانة زوجين منها كانت الوان وأشكال ومعظمها من الألوان المفضلة لديه هل هذه صدفة أم تلك الخبيثة خططت لكل شيء ! كان يخرج واحدا واحدا يمسكه من رأس الشماعة ويقلبه يمينا ويسارا هل كانت حقا تظن أن الحياة بينهم ستكون ورديه لتقوم بشراء كل هذه الملابس المٹيرة !! كان يحدث نفسه هكذا وبعد ما يقارب الدقيقتين أغلق الخزانة وهم بالمغادرة ولكن البوم الصور الموضوع على الفراش لفت نظره فاقترب وجلس ثم التقطته وبدأ يقلب في صوره كانت صورة تجمعها مع أصدقاء لها وصور جماعية عندما كانت في الجامعة ولكن احتوى الألبوم على صور كثيرة جدا تجمعها بشاب لا يعرفه ربما كانت كثيرة أكثر من اللازم إلى الحد الذي جعله يتساءل بشدة وتصيبه الشكوك حول ما العلاقة التي تجمعها بذلك الشاب والذي تسمح لها بأن تلتقط كل هذه الصور معه وتقوم بحفظها داخل البوم !!
بتعمل إيه هنا !!
تجاهل سؤالها ورفع الألبوم أمامها يسأل في ريبة واضحة وصوت غليظ
اقتربت وسحبت من يده الألبوم واغلقته ثم وضعته علي المنضدة الصغيرة بجانب الفراش وقالت في ضيق ملحوظ من عبثه بأشيائها دون إذنها
مش لازم تعرف اعتقد إن مش هتفرق معاك ثم إن إنت أصلا مين سمحلك تقلب في حاجتي من غير أذني
استفزه جدا طريقتها ولكنه تمكن من تمالك انفعالاته
وغمغم في برود كان مستفز أكثر بالنسبة لها
كله
وأنا مش عايزة أقولك أساسا
أجابها بنظرة صارمة وحادة
أعرف ليه بقى !
هتفت بعدما اكتراث له مطلقا وكلمات اشعلت فتيل النيران في أعماقه
حاجة متخصكش وبما إننا قريب أوي هنتطلق أعتقد ملهاش لزمة وممكن بقى تطلع عشان عايزة البس
صر على أسنانه وكور قبضة يديه كدليل على هيجانه الداخلي وأنه يمنع نفسه الثائرة عنها بصعوبة ثم هتف بابتسامة مزيفة تخفي خلفها جموح مخيف
ثم انصرف وتركها تفكر في أمره وتبتسم بسعادة داخليه فلأول مرة ترى اهتمامه بشيء يخصها كان دوما يشعرها بأنها نكرة وليست ضمن قائمته بتاتا ولوهلة شعرت أنه تضايق بسبب هذه الصور ولكن رفضت هذه الأفكار السخيفة فآخر شيء تتوقعه منه الآن هو الغيرة ما حدث للتو ليس سوى بدافع فضوله وتطفله عليها !!
مع تمام
كانت رفيف تتفحص مكتبها الجديد بابتسامة عريضة تتفقد كل شيء به وبالمكتب الخشبي ذو اللون الأسود والنافذة التي تعطي اطلالة رائعة على الشارع بالخارج من الأعلى وبينما هي منشغلة بالنظر من النافذة سمعت طرق الباب فالتفتت وسمحت للطارق بالدخول فوجدته علاء حيث فتح جزء من الباب وهتف باسما بمشاكسة مألوفة منه
ضحكت بخفة ثم أجابته في رقة طبيعية منها
ادخل ياعلاء
دخل وترك الباب مفتوحا وجلس على مقعد وثير أمام المكتب وهتف ضاحكا
على حظك الۏحش إن يسر مجاتش النهردا
جلس على مقعدها الخاص أمام مكتبها وقالت ببساطة وهدوء محاولة ان تكون أكثر حذرا في التحدث معه حتى لا تتخطى الحدود كما وعدت أخيها
مش مشكلة لسا الأيام جاية كتير إن شاء الله شكرا جدا ياعلاء إنت السبب الأكبر أني بدأت شغل هنا لولا إنك قولت ليسر وهي اقنعت حسن مكنتش هعرف اقنعهم نهائي
ابتسم لها بلطف وحدجها بنظرات دافئة
مغمغما في صوت هاديء وجذاب
أي خدمة يابنت العم أي حاجة تعوزيها هتلاقيني موجود اطمني يلا أنا همشي بقى أنا قولت آجي
ابارلك على السريع بس عايزة حاجة
هزت رأسها بالنفي وهمست مبتسمة بصفاء
عايزة سلامتك !
هب واقفا وانصرف بعد أن أغلق الباب خلفه أما هي فاستمرت في تفحص كل شيء يحتويه داخل الأدراج هذا المكتب متوسط الحجم
في مساء ذلك اليوم وبينما الساعة كانت قد تخطت الثانية عشر بعد منتصف الليل فتحت ملاذ عيناها ونهضت من فراشها وهي تفرك عيناها لتزيح بعض من أثار النوم حتى تتمكن من الوقوف والذهاب للمطبخ لشرب الماء فذهبت للمطبخ وشربت كوبا من الماء البارد وبينما هي في طريق عودتها لفراشها وغرفتها سمعت صوتا هاديء وجميل يتلو القرآن لوهلة ظنت أنه الراديو أو تسجيل لأحد الشيوخ من شدة جمال الصوت لتقود خطواتها نحو مصدر الصوت وتفتح الباب ببطء فتجده هو الذي يمسك بكتاب القرآن الكريم ويتلو آياته كسلاسل من ذهب بصوت يبعث السکينة والاطمئنان في النفوس فتبتسم هي بحب وتدخل ثم تغلق الباب خلفها بحذر شديد وتقترب منه لتجلس بجوايلا
على الأريكة الصغيرة وتستند بمرفقها على حافة الأريكة العلوية وهي مثبتة نظرها عليه تتلذذ بجمال صوته أما هو فانتهي من الآية وتوقف عن القراءة لينظر لها ويقول باستغراب
إيه اللي مصحيكي دلوقتي !
قالت برقة ساحرة وابتسامة ټخطف القلوب بغمازتها
قومت أشرب وسمعت صوتك فجيت
طيب روحي كملي نومك !
هزت رأسها بالرفض وهي تقول بصوت ينسدل كالحرير ناعما
لا هنام جمبك هنا على صوتك كمل يلا
أردف في جدية بسيطة وحزم
هتنامي هنا إزاي يعني قومي روحي اوضتك ياملاذ
تشدقت بإصرار والحاح تام
يبقى تاجي معايا الأوضة وتقعد جمبي تقرأ قرآن لغاية ما أنام يا إما أقعد هنا
أدرك أنه لا مفر من عنادها وإصرارها فاستسلم لها وهتف مغلوب على أمره
استغفر الله العظيم طيب اسبقيني على الأوضة وأنا جاي وراكي
ارتفعت ابتسامتها وكادت أن تشق طريقها حتى أذنيها من فرط سعادتها بموافقته أن يبقى بجوارها لدقائق الليلة في غرفتها حتى تنام ثم استقامت وعادت لغرفتها مجددا وتدثرت بالغطاء لنصف جسدها وهي جالسة في انتظار مجيئه وبعد لحظات دخل واغلق الباب خلفه ثم اقترب ناحيتها وجلس على الفراش من الجهة الأخرى فمددت جسدها كاملا ورفعت الغطاء حتى صدرها ونامت على الجهة المقابلة له اما هو فعاد يكمل التلاوة بداية من الآية التي توقف عندها وهي تحدق به بصمت وكم تمنت لو أن حياتهم تصبح طبيعية وكل ليلة يكون بجوارها ويقضي ليله معها في غرفة واحدة بدلا من أن يكون لكل منهم غرفة منفصلة !
الآن فقط هي تستطيع وبكامل الثقة وعدم التردد أن تعلن عهده الجديد وقد ذعنت لقلبها وقبلت بما يحاول اقناعها به وهو أنها أحبته بشدة ولا تريد
رجل سواه أن يكون معها ترغب في أن تكون زوجته لآخر نفس يخرج منها بل وأيضا تود أن تكون أما لأولاده ولكن هيهات فهو لم يسمح لها بعد بالتوغل في قلبه من جديد وستضطر أن تعاني عقاپ خطأها وتنتظر لحظة الإفراغ عن مشاعره المحپوسة خلف القضبان !
بدأت تغمض عيناها تدريجيا حتى ابحرت في ثبات عميق وبعد دقائق انتهى هو من القراءة فالټفت لها وهمس بترقب
ملاذ !
لم يجد الأجابة منها فيتنهد بعمق ثم يضع كتاب القرآن الكريم على المنضدة بجانبه ويلتفت لها ليتأمل ملامحها بأسى يلومها بشدة على ما فعلته بهم فقد دفعته إلى الدرجة الذي يكون فيها في أقصى لحظات رغبته واشتياقه لها ولا يستطيع تلبية رغبته فقط لأنه لا يتمكن من استعادة ثقته بها يجد صعوبة في أن يسلمها قلبه ونفسه مجددا يخشي أن يثق بها من جديد فتخذله للمرة الثانية ومن
جانب آخر لا يستطيع مكابحة عقله الذي يلح عليه أن يطلقها ويقي قلبه ونفسه من هذه العلاقة المزعزعة فيواجه تعنيف قلبه الذي يتوسل له أن لا يستمع لعقله ويعطيها فرصة ثانية فهي اخطأت واعترفت بخطأها و ندمت ثم طلبت منه السماح وقطعت الوعود بأنها لن تسمح بشيء كهذا أن يتكرر مرة أخرى وستكون له
بكامل جوارها لتصبح زوجة تليق به ويفتخر بها وإن خلفت بوعودها
هذه المرة وخانت الثقة مجددا يحق له أن يستمع لعقله ولكن إذا استمع له الآن سيكون الظالم والجلاد الذي نفذ حكم الأعدام في مذنب قام بالسړقة بينما هو في القانون لا يستحق الأعدام !
ولكن حتى وإن استمع لرغبة قلبه لن يتمكن من الصفاء بسهولة ولن يعدها بأن تعود علاقتهم كما كانت إلا بعد وقت طويل
مد يده وابعد خصلات شعرها عن
ترجل من سيارته وقاد خطواته نحو الأريكة المتوسطة في منتصف حديقة المنزل وجلس واضعا رأسه بين راحتي يديه بيأس وشجن ماذا عساه أن يفعل من أين له القوة لكي يتحمل كل هذا تباعا لقد سئم حياته حقا فكل شيء يضغط عليه من جميع الجهات وبات لا يعرف يرضي من أو ماذا يفعل
من جهة والدته التي تصر على رغبتها في زواجه ومن جهة تلك العنيدة التي لا تدرك خطۏرة ماهي فيه وتعرض نفسها دوما للخطړ فمنذ الصباح وهو يبحث عنها في كل مكان قد يمكن أن تكون به ولكن لا أثر لها حتى هاتفها لا يستطيع الوصول إليها من خلاله أما بالأعلى تقف كل من هدى ورفيف التي هتفت بإشفاق على أخيها
قوليله ياماما حرام عليكي كرم بذات فيه اللي مكفيه
قالت هدى بإصرار وشيء من الشفقة
وإنتي فاكرة إني مبسوطة كدا !! ما أنا بعمل كدا عشان مصلحته وهو عنيد مش عايز يفهم وأنا مش هسيبه كدا لغاية ما يدمر حياته ونفسه سبيه يومين يدور عليها وبعدين هيدرك إن عندي حق وهيوافق
قالت محتجة ومعاتبة أمها بلطف
إيه ياهدهد مكنتش أعرف إنك قاسېة كدا ولما تقسي بتقسي على كرم على فكرة بقى أنا مش هستحمل اشوفه كدا وهروح أقوله
قبضت هدى على ذراعها وصاحت بها معنفة إياها في تحذير حقيقي
إياكي يارفيف تقوليله وإلا والله العظيم يكون ليا تصرف تاني معاكي ملكيش دعوة دول ولادي وأنا عارفة أنا بعمل إيه كويس وفاهمة دماغ كل واحد فيهم
تراجعت وهي تلوى فمها بامتعاض وتتأفف بخنق وإشفاق على أخيها المسكين أما هدى فأخذت تحدق به بأعين دامعة وقلب ېحترق على حزنه وألمه ولكنها متيقنة أن ما تفعله سيكون السبب في تضميد چروحه التي ټنزف منذ افتراقه عن زوجته !!
داخل منزل حسن العمايري
كانت تجلس أمام التلفاز تشاهد إحدى قنوات الطبخ وبينما هي مندمجة في التلفاز جال بعقلها ما حدث بينهم في الصباح فانزلت نظرها عن التلفاز وثبتته على اللاشيء بشرود ليأتيها صوت بداخلها ويخبرها بأنه لم يكن من الجيد وليس في صالحها أن تحادثه هكذا هي الآن في أمس الحاجة لأي شيء ليقربها