صرخه على الطريق بقلن ديفنا
المحتويات
وتبعها الأخر بقوله
أنا كمان استأذن حضرتك أمين بيه
أشار له بالجلوس وقال خليك شوية يا جسار حابب ادردش معاك واحنا بنشرب القهوة
تحت أمر حضرتك
أمر بإحضار قهوتهما ثم قال قولي بقي انطباعك ايه في الشغل معانا مرتاح
غمغم بصدق مرتاح بس أنا بجد محظوظ بانضماني للصرح العظيم ده ماشاء الله حضرتك واخوك وولاده والأنسة شمس وسارة بجد في تناسق رائع بينكم وكله بيجتهد لمصلحة الشركة مافيش دلع ولا تهاون كله قلب واحد وبيحب شغله حتى الموظفين نفسهم
ربنا يبارك فيهم وفيكم يا امين بيه
وفيك ياجسار الحقيقة انا معجب جدا بشغلك حتي من قبل ما تيجي انك في العمر الصغير ده وأسمك يتردد في عالم المحاماه بالشكل ده أكيد دي عبقرية منك
تعجب قوله معقولة ازاي
معرفش في فترة من حياتي كنت مشتت ومش لاقي حافز
ودلوقت لقيت نفسك وحققت اللي بتتمناه
نظر أمامه صامتا برهة بشخوص ثم قال ياريت اقدر احققه للأسف صعب اوصل للي بتمناه
ليه صعب مش يمكن انت متوجه غلط
ماهو بالعقل كده لو حاولت توصل لحاجة وماوصلتش يبقي الطبيعي تغير طريقك عشان تلاقي نتيجة مختلفة
كلام حضرتك مظبوط يمكن وجهتي فعلا غلط
طيب أشرب قهوتك هتبرد حاضر
ارتشفها سريعا ثم نهض قائلا استأذنك أروح مكتبي
اتفضل
منذ أتاه الجد وهو يتفقد كل التفاصيل بضيق أما توفيق طغى عليه الحزن كأنه يلوم نفسه لموقف زوجته أما رائف كان شارد بعض الشيء فاقد لمزاجه ومرحه فغمغم لهم
رحل ليترك لهم مجالا لأفراغ دهشتهم من مسكنه المتواضع راجيا ألا يضغط عليه الجد بالعودة فلا يود أن يخذله وهذا مع سيحدث قطعا لو طرح عرض عودته ثانيا
ايه يا ابني ماطلعتش ليه الأكل هيبرد
معلش يا جسار
اعفيني خليكم براحتكم أكيد هيحبوا يكلموك وانتوا برضو عيلة في بعض
صدقني مش هينفع علي الأقل المرة دي لو اتكررت زيارتهم تاني والله لاكون موجود روح لضيوفك بقي عيب تسيبهم ولو احتاجت حاجة عرفني
أومأ له برضوخ ولو انك مش غريب بس خلاص براحتك أشوفك بالليل
إن شاء الله
نهض يتجول في المنزل المتواضع بحسرة جدرانه دون طلاء أثاثه زهيد صحون مطبخه الصغير
عانق وجهه براحته المرتعشة وهمس برجاء عشان خاطري ارجع معايا تاني مش هقدر اسيبك في المكان ده وامشي بقي بعد العز اللي عشت فيه تعيش هنا
بابا عنده حق ياجسار
قالها توفيق الذي انضم إليهما واقفا علي عتبة غرفته بينما صاح رائف أنا أصلا مش عارف انت ليه مشيت ماشي اكتشفت الحقيقة بس كمان انت عشت عمرك كله معانا ومع جدي واحنا بنحبك ليه تسيبنا ياجسار
جالت عينه بينهما ثم دعاهم للجلوس في الردهة قال ناظرا لأحداقهم بقوة وثقة والرضا يملأ قلبه رجوعي تاني هناك وكأن معرفتش حاجة ده صعب مش من حقي أعيش حياتكم لأنها مش ليا أنا دايما كنت بحس بغربة هناك قولولي
ايه هيبدل المكان الغريب ده لوطن بالعكس رغم سكني المتواضع هنا بس حاسس انه مكاني تمنه بعرقي مرتاح فيه أكتر من القصر اللي عشت فيه هناك
يااااه للدرجة دي كنت تعيس معايا
أنا لو في حاجة صبرتني علي غربة روحي وخلتني اتحمل فكرة أن بابا وماما مش بيحبوني هو انت ياجدي حبك وحنانك وخۏفك عليا الفكرة أني هنا مستقر نفسيا وراضي فوق ماتتصورا ولعلمكم
أنا باخد مرتب كويس جدا من شغلي واقدر اسكن في شقة أرقي بكتير بس يمكن مش هرتاح فيها زي هنا أشرف معايا مش بيسبني وعيلته بقوا أهلي أنا مبسوط الحمد لله مش عايزكم تحملوا همي أدعولي بس أعرف طريق أهلي
خبط رائف جبهته مع قوله يا نهار ابيض ده انا نسيت اكلم صاحبي واعرف وصل لايه في موضوعك
جسار برجاء طب كلمه دلوقت عشان خاطري
من عيوني
وظل يحاول مرارا ليهتف أخيرا مش بيرد عليا ممكن يكون نايم
تنهد أخيه خلاص خلينا نتغدا وبعدها تتصل تاني
دعاهم ليلتفوا حول طاولة الطعام والشقيقان يتمازحان ليبددا تجهم وجهي الجد وتوفيق وينتهي الأمر بجلسة دافئة مرحة ورائف يقص لهم نوادره مع رفاقه
توفيق تسلم ايدك ياجسار الأكل كان تحفة
بألف هنا ده عمايل طنط مامة أشرف حبيت تدوقوا أكلها وتعرفوا ليه أنا لابد هنا ومش عايز امشي
ابتسم الجد وابنه بعد أن تشكلت لديهم قناعة انه سعيدا في هذا المكان بينما قال رائف ليك حق انا أكلت كتير اوي وبطني هتفرقع
ثم مازحه ابقي اشكرلي طنط وبنتها المزة اللي شوفتها شايلة صنية الأكل وأنا طالع وعرفتني عليها انها أخت أشرف
خبطه في رأسه بتحذير أحترم نفسك يالا دي لسه عيلة في ثانوي وفي مقام اختي
العيل مسيره يكبر يابرنس وبعدين بلاش تكون قطاع أرزاقولعلمك أنا هاجيلك كل يوم أطمن عليك
رفع جسار حاجبيه بتهكم تطمن عليا أنا برضو عموما أنا ماليش دعوة وهسيبك لأشرف هو اللي هيظبطك ثم حدث جده أنا بقي هروح اعملكم أحلى شاي دقيقة وجاي
غاب دقائق عاد بعدها حاملا أقداح الشاي الساخن ورائف يهتف بحماس صاحبي بيرن اخيرا
ثم أشار لهم بالتزام الصمت وراح يستمع لصديقه وعين جسار ترصد تعبيرات وجهه ليستشف شيئا وداخله يتضرع لله أن يعلم معلومة توصله لأبيه
أنهي رائف مكالمته مع رفيقه وانتظر الجميع قوله فغمغم قريب صديقي اللي في الشرطة ده تقصي فعلا عن الحاډث وكل اللي لقاه متسجل انها حافلة محترقة وكل اللي فيها تفحم وانه السائق بتاعها كان فلبيني ومعاه ركاب كتير بجنسيات مختلفة مابين سيدات ورجال الطب الشرعي وقتها عرف من تحليل الحمض النووي وبقايا الطعام الچنسية السيدات اللي كانت في الحافلة كلهم مصريين يعني أنت أصولك مصرية ياجسار دي المعلومة الوحيدة اللي اتأكدت وللأسف محدش من أهالي المفقودين ظهر وبلغ وقتها عشان كده ملف الحاډث اتقفل على كده
خيبة أمل كبيرة غشت وجه جسار المطرق بحزن بعد أن فقد أمله أن يجد والده الحقيقي ليربت علي ظهره الجد نادر بحنان قائلا ماتزعلش ياحبيبي يمكن خير وانت
ماتعرفش يجوز لو عرفت أهلك تقول ياريتني ماعرفتهم ويجوز بدون ترتيب تلاقي فجأة خيط يوصلك ليهم ثم قال بتأنيب لذاته الحق عليا أنا يمكن لو سعيت اعرف أهلك وقتها
وانا هناك كنت عرفت بس انا اتعلقت بيك ومقدرتش اتخيل انك تبعد عني
اشفق عليه جسار فربت علي كفه كله نصيب ياجدي ماتحملش نفسك ذنب يمكن كنت دورت وما وصلتش لحاجة مادام محدش بلغ وحاول يسأل من أهلي
بس كنت هبقي حاولت
تنهد مع قوله خلاص ياجدي اللي حصل حصل وربنا قادر يجمعني بأهلي تاني
ثم دعاهم لارتشاف الشاي وبعد وقت قصير غادر جميعهم ومكث جسار يفكر بخيبته ثم استغفر الله وراح يدعوه أن يساعده في العثور على أهله
يتبع
الفصل الثامن
حين تتضافر الفواجع حول عنقك وتتشابك اقدارك وتذخر حياتك بالاختبارات القاسېة كن بمستوي اختباراتها ولا ترسب بها مهما كلفك الأمر من عناء وجهد وكد الظروف المؤلمة هي من ترسم بريشتها مستقبلنا وتصنع حدوده عافر وتمسك بالأمل و لا تظل أمامها جزع ضعيف مكسور لا حياه به وثق أنه لن تغيب ملامح السعادة للابد عن ملامحك ويوما ما ستتفاجأ بها تتلون گ زهور الربيع يوم يحين أوانها وتقطف ثمارها بالأخير !
مضى عام وجسار يجتهد في عمله مع شركة السيد أمين فاستحوذ علي إعجابه و ثقته الكاملة هو وشقيقه السيد رضوان والأكثر الألفة التي جمعت بينه وبين أولاد الأخير فصاروا رفاق متقاربين علي المستوي الشخصي حد التعلق وكثيرا من الأمور تشابهت بينهم حتي أشرف ورائف صارو من ضمن أصدقائهم مثله أما سارة فتوطدت علاقتها بجسار لكن شمس كان لها النصيب الأكبر من اهتمامه وعيناه ترصدها بشغف كل يوم مكتشفا بها أشياء تدعوه للفخر قبل الإعجاب بها ويعترف لنفسه أنها احتلت جزء ليس هين من قلبه ورغم كل مشاغله وعالمه الجديد والحافل لم يهمل علاقته بالجد وشقيقه رائف بل ازدادت قوة حتى توفيق نبتت بينهما بذور من الألفة لم تكن لها وجود من قبل صار يحبه ويلتقيه كثيرا لكنه مازال يرفض الذهاب معهم للفيلا ربما يرفض رؤية إلهام فلم يصفوا لها وجدار الجفاء بينهما
قائما كما هو وكي يرضي جده أكثر قسم وقته بين المكتب والشركة وعاد يتولي إدارته ليحصد في فترة وجيزة قضايا معقدة بانتصار ساحق لموكليه فصعد نجمه أكثر وتردد أسمه بقوة بين جدران المحاكم لكن ما كان يؤرقه انه يصنع مجدا لأسم رجل ليس أبيه الحقيقي كان يود أن يصدح أسم والده في الأفواه ومع هذا حمد الله على حاله وما وصل إليه
بفرحة حقيقية صاح جسار
ألف مبروك ياحمزة ربنا يتملك علي خير
رد الاخير بود الله يبارك فيك ياجسار عقبالك إن شاء الله
بإذن الله طيب مش محتاج أي مساعدة في ترتيبات الفرح أو التسوق أنا جاهز أي وقت
ابتسم له الأخر ممتنا تسلم يا متر ماتقلقش كله تحت السيطرة المهم انت مش محتاج عزومة ده فرح اخوك
أسعده وقع الكلمة فغمغم بصدق ربنا يعلم أنت واخوك ريان بقيتوا فعلا اخواتي زي أشرف ورائف بالظبط يا حمزة
ده شرف لينا ياجسار وكويس انك فكرتني اتصل بأشرف اعزمه علي فرحي
هيبقي افضل فعلا لو كلمته بنفسك لأن لو جت مني كان ممكن يتحرج يجي
لا منا فاهم أنا هتصل واعزمه بنفسي هو شخصية محترمة جدا وحبيته رغم مقابلتنا القليلة
هو كمان بيعزك انت وريان جدا
ربنا يديم المحبة أما رائف فصاحبه ريان هيعزمه
ابتسم له تحسهم دماغ واحدة سبحان الله
أه والله نفس اللسعة
قهقه جسار بالظبط كده مجانين زي بعض
جمال فرعوني تألقت به شمسه
كأنها ملكة لفتت النظر بأناقتها الواضحة رغم حشمة ثوبها الفضي تتنقل بين
المدعوين وابتسامة رقيقة تعلو شفتاها اللامعة يرصدها أينما ذهبت مآخوذا بطلتها الجاذبة له بشدة كأنه لم يصول
متابعة القراءة