بقلم منال سالم

موقع أيام نيوز


حقوقهم المسلوبة.. فصاحت بحدة
يا ماما ده حقها هي عبيطة ضيعته بتسرعها! بطلوا تخافوا بقى!
ڼهرتها عواطف قائلة بامتعاض
خلاص بقى بلاش تبكيت سبيها في اللي هي فيه!

نفخت بسمة بصوت مسموع فوالدتها دوما تحبطها حينما تفكر بصورة عقلانية.. 
ورغم ذلك أبدت اهتمامها بمصير أشيائها التي تكلفت الكثير.. وسألتها بعبوس
اومال حاجتها عملتوا فيها ايه
أشارت عواطف بعينيها مجيبة إياها
حطينا شوية خشب تحت في المدخل والباقي في الأوضة الفاضية اللي في السطح!
تقوس فم بسمة بابتسامة متهكمة وتساءلت بسخط
أها الكومة اللي تحت دي طب مش خايفين تتسرق
ردت عليها أمها بتنهيدة مطولة تحمل الآسى
هياخد الحرامي ايه يا حسرة دي شوية خشب على كام مولة بايظة!
استنكرت بسمة ردها المتخاذل وهتفت معاتبة بقوة
وأما هما كده وافقت ليه تمضي على القايمة دي من الأول ورضيت بعفش بايظ زي ده
استاءت عواطف من أسئلة ابنتها المتكررة التي لا تكف عن لومها فيها فصاحت بنفاذ صبر
تاني هانعيده يا بسمة!
رمقت هي أمها بنظرات منزعجة وردت غير مكترثة
انتو أحرار اصطفلوا مع بعض!
ثم تحركت في اتجاه غرفتها والتفتت برأسها للخلف لتتابع بصوت جاد ونظرات قوية
أنا لو حد بس فكر يدوسلي على طرف هابهدله زي جزار الزرايب!
بدا الاهتمام واضحا على تعابير وجه عواطف بعد الجملة الأخيرة ورددت بريبة
اه صحيح أنا سامعة الناس بتحكي عن البوليس اللي جه وخده وبهدلته و....
قاطعتها بسمة قائلة بتفاخر
ماهو أنا اللي عملت فيه كده!
ردت عليها بسمة بتحد سافر وقد قست نظراتها
ولو طولت أجيبله عشماوي كنت عملت!
عاتبتها والدتها لتهورها مرددة
ليه كده يا بنتي هو انتي ناقصة عداوة معاه!
أجابتها بسمة غير مهتمة
هو خد اللي يستحقه ولو زود هابهدله أكتر!
ثم تركتها لتلج إلى غرفتها وأوصدت الباب خلفها..
هزت عواطف رأسها پخوف متمتمة لنفسها
سترك يا رب من اللي جاي هو أنا هلاحق على ايه ولا ايه!
بعد برهة
سمعت عواطف دقات قوية على باب منزلها فهتفت صائحة وهي متواجدة بالمطبخ تطهو الطعام
شوفي مين بيخبط يا بسمة!
أتاها صوت ابنتها قائلا بعدم اهتمام
افتحي انتي يا ماما أنا داخلة أستحمى!
جففت عواطف كفيها في جانبي قميصها المنزلي وهتفت بإرهاق وهي تخرج من مطبخها 
هو كل حاجة عليا اليوم شكله مابيخلصش!
سارت بتثاقل نحوه ثم فتحته لتتفاجيء بوجود ابن الحاج طه واقفا على عتبته..
رسمت سريعا على محياها ابتسامة ودودة وهي تهتف قائلة
سي دياب! يا أهلا وسهلا!
كانت تعابيره متجهمة للغاية ونظراته قاتمة إلى حد كبير..
لم يرد على تحيتها المرحبة به وتشدق قائلا بعبوس
هما كلمتين على السريع وخلاص!
تنحت للجانب قليلا لتفسح له المجال ليدخل قائلة بإصرار مجامل
لا مايصحش
اتفضل جوا!
أشار لها بكفه مرددا بصوت جاف
كده كويس!
ظنت عواطف أنه قد جاء للحديث عن موضوع الدكان خاصة أنه كان منزعجا وبشدة في الزيارة الماضية لذا بلا تفكير هتفت بنزق
أنا.. أنا والله كنت هاكلم مرات أخويا الله يرحمه على الدكان بس اتلبخنا في حاجة بنتي و....
قاطعها قائلا بصوت جاد
بصي يا ست عواطف احنا كلنا بنعتبرك من العيلة صح ولا أنا غلطان
بدا حديثه غامضا بالنسبة لها وردت بتوجس
ايوه ده صحيح!
تابع هو قائلا بصوت متصلب وقد برزت عروقه المتشنجة من جانب عنقه
يبقى لما يكون ليكي حق عند حق تجيلنا واحنا نتصرف غير كده انتي بتكسبي عدوتنا!
لم تستطع أن تعي بوضوح المغزى من وراء تلك العبارات الغامضة فارتبكت وهي تسأله بحذر
مش فهماك يا سي دياب هو.. هو صدر مني حاجة تزعل
أجابها بصوت محتد نسبيا لكنه هاديء
بالطبع استطاعت أن تخمن سبب غضبه المبرر فموضوع ابنتها ومافعلته بصاحب محل الجزارة لن يخفى عليه ولن يمر مرور الكرام لتجاوزها الأعراف المعهود بها هنا.. 
حاولت أن تدافع عنها وتبرر موقفها قائلة پخوف
والله ما كنت أعرف أنا لسه مبهدلاها على الحكاية دي!
رد عليها بقسۏة مهددا إياها بصراحة
انتي حرة معاها بس خلي بالك لأن المرة الجاية الزعلة معانا احنا! ومش هاكرر تحذيري مرتين!
تفهمت تحذيره پخوف ورددت ممتثلة له
حاضر يا سي دياب اللي تشوفه!
رمقها بنظرات أخيرة ثم استدار عائدا من حيث أتى قائلا باقتضاب
سلامو عليكم!
تابعته عواطف بأنظارها وهو يتجه على الدرج مرددة بخفوت
وعليكم السلام!
ثم استدارت للداخل وأوصدت باب منزلها.
سلطت عيناها على غرفة ابنتها وهي تتنهد بإنهاك وضاغطة على شفتيها بضيق كبير.. 
ربما طبيعة شخصيتها تختلف عنها فهي لا تهتم بما يظنه الأخرين فيها وتفعل ما يمليه عقلها عليها حتى لو كان خاطئا..
هي صورة مصغرة من والدتها الراحلة في قوتها وعنفها وشراستها المخيفة التي لا تعبأ بردة فعل غيرها..
دوما تنظر لها فترى انعكاسا جليا فيها لشخص أمها في نظراتها وحركاتها وحتى تصرفاتها المتهورة والغير مدروسة..
تخشى أن تزج بنفسها في الهلاك بسبب ذلك..
تنهدت مجددا بأسف ثم غمغمت مع نفسها بتحسر 
منك لله يا بسمة جيبالي الكلام مع كل الناس هو فاضل مين مش بيشتكي منك!!!!
الفصل الحادي عشر الجزء الثاني 
انتهى منذر من تسليم عدد من الطلبيات المؤجلة بعد أن امتلأ المستودع بالوارد الجديد من البضاعة الخاصة بوكالتهم.
تمكن الإرهاق منه فقرر العودة إلى منزله ليرتاح قليلا ومن ثم يستأنف البقية..
رأته والدته وهو يلج إلى غرفته فهتفت متسائلة باهتمام
اجيبلك تاكل يا بني
هز رأسه نافيا وهو يجيبها بصوت منهك
لأ أنا جعان نوم خالص!
ابتسمت له بعاطفة أمومية حانية وهي ترد عليه
طب يا منذر لما تصحى براحتك هاسخنلك الأكل!
أومأ برأسه بخفة مرددا بتثاؤب
ماشي وأنا ساعة كده وهاصحى وأنزل الوكالة عندي شغل متلتل كتير!
ظلت جليلة محتفظة بإبتسامتها الطيبة وهي تتابع حديثها
ماشي يا حبيبي! ربنا معاك!
أغلق منذر الباب خلفه وبقيت أنظار والدته معلقة على بابه..
تنهدت بأسف مشفقة على وحدته التي طالت ثم تمتمت بصوت خفيض
ياما نفسي أشوفك فرحان ومتهني وعيالك بيجروا حواليك ومالين عليك البيت! 
صمتت للحظات متذكرة كيف كانت حياته السابقة ثم أضاء عقلها فجأة بشيء ما جعل بريق عينيها يلمع بوهج عجيب..
مطت فمها للأمام متابعة حديث نفسها
مممم.. طب وليه لأ
هزت حاجبيها للأعلى مرددة بحماس غريب
ربنا يسهل بعدين أبقى اتكلم معاه في الحكاية دي وأشوف دماغه!
اتسعت ابتسامتها وباتت أكثر اشراقا وهي تتتجه نحو غرفتها لتفكر مليا في تلك المسألة الحيوية......
عنفت عواطف ابنتها بسمة على فعلتها الحمقاء مع صاحب محل الجزارة وما تبعها من توبيخ وټهديد صريح من دياب..
هو بيتنطط على ايه مفكر نفسه فتوة الحارة!!!!!
ردت عليها عواطف بتبرم من تصرفاتها
يا بنتي بلاش تعادي الناس ارحمي نفسك!
هزت رأسه محتجة ودافعت عما تقوم به قائلة بإستماتة
لالالا.. كده كتير هو كل واحد هايعمل راجل عليا هي سايبة!
ضړبت أمها كفا بالأخر مرددة بضجر
لا حول ولا قوة إلا بالله شوف أنا بتكلم في ايه وانتي بتقولي ايه
صاحت بسمة بنفاذ صبر وقد تشنج وجهها للغاية
ماهو بصراحة الموضوع بقى أوفر وأنا اتخنقت!!!
ثم زفرت بصوت مسموع لتظهر استياءها مما يحدث من تدخلات الغير في أمورها الخاصة..
لم توفق عواطف في انتقاء الوقت المناسب لمفاتحة ابنتها في مسألة الدرس الخصوصي المتعلق بحفيد عائلة حرب وابنتهما الصغرى.. فهتفت بنزق وبلا تفكير
طب هاتعملي ايه في موضوع درس ابنه وأخته
انعقد حاجبي بسمة بإندهاش عجيب وسألتها بصوت متعصب وهي تسلط أنظارها المحتدة على والدتها
نعم ده ايه ده كمان
أجابتها عواطف بحسن نية
ما هو الحاجة جليلة جت عندنا تكلمني انك تدي درس لحفيدها يحيى وبنتها أروى!
ردت عليها بسمة بنبرة متشنجة فاقدة للصبر
وهو انتي شيفاني يا ماما فاضية أصلا ما هو على يدك أنا بأطلع من هنا لهنا والحكاية مش جايبة همها على الأخر 
رمقتها عواطف بنظرات ذات مغزى وهي تحاول اقناعها بقبول عرض الدرس السخي
ماهو عشان كده بأقولك إديهم وأهوو درس أبرك من عشرة!
سئمت بسمة من طريقة أمها الساذجة في تقرير شأنها دون الرجوع إليها وإعطاء الأخرين وعودا على حساب شخصها.. لذلك اعترضت بشراسة على القبول مرددة
بس مش الجماعة دول!
استغربت عواطف من رفض ابنتها القاطع وضيقت عيناها قائلة بإلحاح
يا بت هو مش يا مكتره لأ يا محسنه جربي حصة ولا اتنين عندهم وبعد كده قرري 
تجهم وجه بسمة أكثر وأصرت على اعتراضها قائلة وهي تكتف ساعديها أمام صدرها
طب وأروح ليه من الأول أنا مش عاوزة!
بدت بسمة متشبثة برأيها حتى الرمق الأخير نعم هي تماثل جدتها الراحلة عزيزة في عنادها الصلب..
يئست أمها من اقناعها بسهولة.. لذا لجأت إلى ذلك الأسلوب الذي تجيده وهو
استعطافها لعل قلبها يرق نحوها..
دنت منها ووضعت قبضتها على ذراعها قائلة بصوت شبه منكسر
الله يكرمك يا بسمة بلاش تحرجيني مع الجماعة أكتر من كده!
استشاطت بسمة من طريقتها في الحديث وصاحت بانفعال وهي تنظر لها پغضب
هما ماسكين عليكي ذلة
استشعرت الڠضب في نبرة ابنتها فعمدت إلى تجميد تعابير وجهها مرددة بجدية قليلة
لأ بس بينا مصالح وقرابة وحاجات كتير وأنا مش عاوزة أعادي حد!
نفخت بسمة متذمرة ثم أشاحت بوجهها للجانب وهي تقول
ربنا يسهل!
سألتها عواطف بصراحة وهي مسلطة أنظارها عليها
يعني أرد على الست جليلة أقولها ايه
ردت عليها بضيق
قولتلك ربنا يسهل!
أصرت عواطف على الحصول على إجابة نهائية منها حتى لا تتعرض للإحراج معها لاحقا لذلك سألتها مجددا بإلحاح شديد
ما تريحني وتديني كلام واضح! هاتروحي ولا لأ
أرخت بسمة ساعديها مستسلمة لذلك الاستجداء المتواصل وخطت ببطء عدة خطوات مبتعدة عن أمها وهي ترد بفتور
هاشوف وقتي وبعد كده أقولك على ميعاد فاضية فيه!
ثم شددت من نبرتها وهي تضيف
بس لو معجبنيش الوضع مش هاكمل ماشي
ابتسمت عواطف لموافقة ابنتها مرددة بحماس
طيب يا بسمة!
تحركت بعدها ابنتها نحو غرفتها فلاحقتها والدتها بعينيها متمتمة بصوت خفيض
ربنا يهديكي يا بنتي ويصلح حالك! 
وقعت أنظارها على الهاتف الأرضي فتذكرت أنها لم تهاتف زوجة أخيها الراحل لتتحدث معها بشأن بيع حصتها بالدكان كي تنتهي من تلك المسألة العالقة لذلك حدثت نفسها بجدية وهي تتجه نحوه
أما أكلم بالمرة حنان بدل ما أتلبخ في مصېبة تانية وأنسى موضوعها كفاية القلق اللي عملهولي بسمة 
أمسكت بالسماعة ووضعتها على أذنها ثم بدأت في طلب الرقم الخاص بعائلة أخيها..
سمعت صوت رنين الهاتف على الطرف الأخر لكن للأسف لم يأتيها أي رد فانتابها القلق وهي تتساءل مع نفسها بحيرة
راحوا فين دول!
وضعت السماعة في مكانها بعد تكرارها للاتصال لعدة مرات قائلة بإستغراب
محدش بيرد! يكونش الخط بايظ!
زمت شفتاها وهي تضيف
خلاص هأطلبهم وقت تاني وأنا ورايا ايه غير كده!
بعد مرور يومين
توجهت أسيف بصحبة والدتها إلى أحد المراكز الطبية الحديثة المتخصصة في حالتها لتوقيع الكشف الطبي المبدأي عليها بعد أن حجزت لها موعدا مسبقا فيه.
انتظرت بالخارج ريثما ينتهي الطبيب من فحصه لها..
كانت أعصابها على أشدها فمن بالداخل هي أغلى ما
 

تم نسخ الرابط